بالمهارات الحياتية
تناولت الأدبيات
التربوية في توصيفها لمناهج المستقبل، المنهج الخفي Hidden Curriculum والذي يركز على ما يكتسبه المتعلم دون تخطيط من قبل
المنهج الرسمي المعلن، ولعل من أكثر الأمور التي يشير إليها المنهج الخفي هو
التنظيم الخفي للمهارات الحياتية التي يكتسبها المتعلم من قبل المعلم، فصحيح أن
المعلم يدخل إلى الحجرة الدراسية ليعلم طلابه أكاديميات تتعلق باللغة أو الرياضيات
أو العلوم، ولكن في ذات الوقت يصيب المتعلم من المعلم أمورًا تتعلق بطريقة التواصل
وإدارة التعامل ومهارات الذات، ومن هنا تؤكد أدبيات القرن الحادي والعشرين على
الكثير من المهارات الحياتية التي ينبغي على المعلم أخذها بعين الاعتبار في تعليمه
لطلابه، بحيث تخرج من حيز المنهج الخفي إلى حيز المنهج المُعلن، بل تذهب بعض
الاتجاهات إلى ما هو أبعد من ذلك بأن يكون ضمن المناهج الدراسية مقررات مستقلة تحت
مسمى المهارات الحياتية. ويوضح الجدول التالي قائمة موجزة بالمهارات الحياتية التي
يتوقع أن يقوم معلم القرن الحادي والعشرين بتنميتها لدى المتعلمين.
|
ولكي
يتمكن المعلم من تنمية مثل هذه المهارات ينبغي عليه إعداد مواقف تدريبية مقصودة
على المهارة والتشجيع على استخدامها لإتقان مهارة مايحتاج الطلاب لأن يتدربوا
عليها مرارًا وتكرارًا. ويمكنك أن توجه تدربيهم عليها من خلال:
-
تعيين المهارة إما كدور محدد يقوم به طلاب معينون أو كمسئولية عامة يتعين على جميع
أعضاء المجموعة أن ينخرطوا فيها.
-
ملاحظة كل مجموعة وتسجيل أي الأعضاء ينخرطون في المهارة.
-
التلميح إلى استخدام المهارة بشكل دوري أثناء الدرس من خلال الطلب من أحد الأعضاء
أن يقدم عرضًا لاستخدامها.
-
التدخل في المجموعات التعليمية من أجل توضيح طبيعة المهارة وكيفية الانخراط فيها.
-
تدريب الطلاب لتحسين استخدامهم للمهارة.
-
التأكد من أن كل طالب يحصل على التغذية الراجعة حول استخدامه للمهارة ويتأمل كيفية
الانخراط في المهارة بفعالية أكثر في المرة القادمة.
ومن أمثلة استراتيجيات التدريس
التي تسهم في تنمية المهارات الحياتية:
أولًا: إستراتيجية التعلم التعاوني
تمر
عملية التعليم في مختلف العصور بتغير مستمر، فكل فترة زمنية تتميز بنوع من التعلم
يختلف عن الأخرى، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة تنبه التربويون إلى الخلل المترتب
على بعض أنواع التعليم ومنه الفردي الذي يقوم على المجهود الشخصي لكل تلميذ، لذا
يعد التعليم التعاوني أحد أهم الاستراتيجيات في التعليم، وفيه يذكر: «فرانسيس
باركر» الذي نادى بالتعاونية وتلاه جون ديوي، ثم جاء «كيرت ليفين» أن الاعتماد
المتبادل بين أفراد كل مجموعة من المتعلمين هو أساس تكوين هذه المجموعة، وقد أكد
على ذلك تلميذه مورتون ديتش الذي أعد نظرية عن التعاون والتنافس في نهاية
الأربعينيات من القرن الماضي، وفي بداية الستينات كتب ديفيد جونسون- وكان تلميذًا
لديتش- في تطوير منهج جديد للعلوم يقوم على التعاون بين المتعلمين، ثم بدأ ديفيد
وروجرز عمليًا بتدريب المعلمين على كيفية استخدام التعاون في الفصل المدرسي،
وعمومًا فقد كانوا يرون أن هذا النوع من التعلم ينتج عنه تعلم أكبر وعلاقات
إيجابية بين المتعلمين، وتزداد الصحة النفسية الإيجابية للمتعلمين، وهكذا كان علم
النفس الاجتماعي سببًا في ظهور التعلم التعاوني، ولا سيما أن التعلم التعاوني هو
نوع من أنواع التعلم الجماعي الذي يخضع حاليًا للدراسة والبحث، وذلك للتعرف على
مدى فائدته وجدواه بالنسبة للتلاميذ من حيث تحقيق أهداف التعلم والتطبيع الاجتماعي.
ثانيًا: استراتيجية الفرق الطلابية وفقًا لأقسام التحصيل
وتقوم هذه الإستراتيجية
التي طورها Slavin على عمل الطلاب في فرق بعد تقسيمهم إلى مجموعات
تتكون كل مجموعة من أربعة أعضاء، ولهم قدرات ومستويات مختلفة، ويقوم المعلم بتقديم
الدرس أو الموضوع المراد مناقشته للطلاب، ومن ثم يبدأ الطلاب بالعمل والمشاركة في
مجموعاتهم مع التأكد من أن جميع أعضاء المجموعة قد تعلموا الدرس أو الموضوع
المطلوب، وبعد ذلك تناقش كل مجموعة واجبها المناط بها، ثم يقوم المعلم باختبار
الطلاب (اختبارات قصيرة) وبشكل فردي عن المعلومات التي تعلموها، بعد ذلك يقوم
المعلم بمقارنة نتائج الاختبار مع مستويات الطلاب السابقة، وتتم مكافأة الطلاب
الذين تجاوزوا في الاختبار الأخير درجاتهم أو مستوياتهم السابقة، ويستغرق تطبيق
هذه الاستراتيجية من 3-5 حصص تقريبًا.
ثالثًا:إستراتيجية فرق الألعاب والمباريات الطلابية
كانت استراتيجية فرق
الألعاب والمباريات الطلابية من أول استراتيجيات التعلم التعاوني التي طورها «Devries& Salvi» في جامعة «John Hopkins» حيث تستخدم هذه الاستراتيجية نفس الاختبارات التي
تطبق في استراتيجية الفرق الطلابية وفقًا لأقسام التحصيل إلا أنها تستخدم بدلًا من
الاختبار الفردي الذي يجب أن يأخذه كل عضو في المجموعات اختبارًا أسبوعيًا أو
مسابقة أسبوعية في نهاية العمل، وتتم مقارنة مستويات الطلاب في المجموعة الواحدة
مع طلاب المجموعات الأخرى، من حيث مشاركتهم في فوز مجموعتهم بأعلى الدرجات، أي أن
الطلاب يتنافسون على فوز أفضل مجموعة من المجموعات الكلية.
رابعًا: إستراتيجية الاستقصاء الجماعي
ويتم توزيع الطلاب من
خلال هذه الاسترتيجية التي طورها Sharan& Sharan, إلى مجموعات صغيرة تعتمد على استخدام البحث
والاستقصاء والمباحثات الجماعية والتخطيط، وتتكون المجموعة الواحدة من 2-6 أعضاء
يتم تقسيم الموضوع المراد تدريسه على المجموعات، ثم تقوم كل مجموعة بتقسيم موضوعها
الفرعي، إلى مهام وواجبات فردية يعمل فيها أعضاء المجموعة، ثم تقوم المجموعة
بإعداد وإحضار تقريرها لمناقشتها وتقديم النتائج لكامل الصف، ويتم تقويم الفريق في
ضوء الأعمال التي قام بها وقدمها.
خامسًا: إستراتيجية (فكر - زاوج - شارك)
تستخدم هذه الاستراتيجية عقب قيام المعلم بشرح وعرض معلومات أو مهارات
للطلاب، وتتضمن تلك الاستراتيجية الخطوات التالية:
1-التفكير في السؤال أو المشكلة التي يطرحها
المعلم.
2-المزاوجة: يلي ذلك طلب المعلم من الطلاب
الانقسام إلى أزواج ويتناقشوا بينهم السؤال.
3-المشاركة: يطلب المعلم من الأزواج عرض
الحلول التي توصلوا إليها وأفكارًا حول السؤال.
سادسا:استراتيجية دوائر التعلم
في هذه الاستراتيجية يعمل التلاميذ معًا في مجموعة ليكملوا منتجًا واحدًا
يخص المجموعة، ويشاركون في تبادل الأفكار، ويتأكدون من فهم أفراد المجموعة
الموضوع.
سابعًا:التعليم بالأقران
لاقت طريقة «التعليم
بالأقران» اهتمام بعض التربويين، لكن الاعتماد عليها ظل مرهونًا ببعض الدراسات
والأبحاث، ولم تطبق ميدانيًا إلا مؤخرًا، وهي في حاجة إلى دعم أكثر من الناحية
النظرية والتجريبية، ولقد صنفها البعض ضمن الأنشطة المتفاعلة لطرق التدريس
المعاصر، بينما يرى آخرون أنها تأتي ضمن ما يسمى بالتعليم الموازي. وتأتي طريقة
«التعليم بالأقران» ضمن إحدى تلك الطرق والأنشطة المتفاعلة للتدريس المعاصر، وقد
عرفت بأنها «قيام أفراد التلاميذ بتعليم بعضهم بعضًا، وقد يكون القرين المعلم من
نفس العمر أو الفصل للتلميذ أو المجموعة، أو يعلوهم عمرًا أو مستوى دراسيًا.